من ساحات الحرب إلى مكاتب الإدارة: تطوّر مفهوم الاستراتيجية
تتبع هذه المقالة رحلة مفهوم الاستراتيجية من جذوره العسكرية عند كلاوزفيتز إلى الفكر الإداري الحديث عند بورتر ومنتزبرغ، لتوضح كيف أصبحت أداة لصنع الأثر لا للقتال. كَثُر الحديث في الآونة الأخيرة حول مفهوم الاستراتيجية وأهميته في الإدارة الحديثة، رغم أن المصطلح لم يكن في الأصل إداريًا، بل وُلد في أحضان الفكر العسكري . فقد استُخدم سابقًا لوصف فن إدارة المعارك وتوجيه الجيوش لتحقيق النصر، إذ كان الهدف دراسة الوسائل التي تضمن نجاح الدول في حروبها. ومن أبرز من تناول المفهوم بعمق هو الخبير العسكري كلاوزفيتز (Clausewitz) الذي رأى أن جوهر الاستراتيجية يقوم على ترابط وتماسك ثلاثة عناصر رئيسية: تركيز القوات: لتحقيق التفوق الحاسم في موقع محدد. اقتصاد القدرات: لضمان الاستخدام الأمثل للموارد دون هدر. حرية التحرك: التي تتيح اتخاذ القرار السريع وفق متغيرات الميدان. ومع تطور المجتمعات وتحوّل موازين القوة من الجيوش إلى الاقتصاد والمعرفة ، انتقلت الاستراتيجية من ساحات الحرب إلى مكاتب الإدارة، لتصبح أداة فكرية تُستخدم في معارك السوق بدلًا من ميادين القتال. فبينما كا...