الرضا الوظيفي: هل نعيشه واقعًا أم نكتفي بشعاراته؟
يُعد الرضا الوظيفي أحد المفاهيم الأساسية في بيئة العمل، لما له من تأثير مباشر على سلوك الموظفين، ودافعيتهم، واستقرارهم داخل المؤسسات، سواء في القطاع العام أو الخاص. وقد أولت الدراسات والأبحاث في مجال السلوك التنظيمي اهتمامًا واسعًا لهذا المفهوم، نظرًا لارتباطه الوثيق بجودة الأداء وفعالية فرق العمل.
ورغم هذا الزخم العلمي، إلا أن الرضا الوظيفي لا يزال في كثير من البيئات الإدارية مجرد مفهوم نظري لم يُترجم إلى ممارسة فعلية. إذ يغيب عن بعض القيادات الإدارية وعيٌ حقيقي بأهمية هذا العامل، ويُغفلون ما يحتويه من عناصر تحفيزية حساسة، تشكّل فارقًا جوهريًا في علاقة الموظف بعمله.
ومن أبرز هذه العناصر التي تؤثر على الرضا الوظيفي:
سوء استخدام السلطة، حين يتحول المركز الإداري إلى أداة تُمارَس من خلالها ضغوطات نفسية، أو تُفرض سلطات بطريقة تُشعر الموظف بالتهديد أو الانتقاص، تحت غطاء “المدير يعرف كل شيء”. هذا النوع من السلوك، وإن بدا غير معلن، إلا أنه يُمارَس أحيانًا بطرق تؤدي إلى شعور الموظف بالعجز عن الشكوى أو المطالبة بحقه، خوفًا من الإقصاء أو “الإدراج في قائمة غير مرضي عنهم”.
وهنا تكمن المفارقة:
فرغم وجود أنظمة ولوائح تحمي الموظف من مثل هذه الانتهاكات، إلا أن التطبيق الفعلي لتلك السياسات قد يتعثر، إذا لم تتوفر بيئة إدارية تُؤمن بالعدالة، وتُعزز ثقافة الاحترام المتبادل بين جميع المستويات التنظيمية.
الرضا الوظيفي لا يتحقق بتوفير الرواتب فقط، بل يبدأ من الشعور بالأمان، والكرامة المهنية، والاحترام داخل بيئة العمل.
وهي مسؤولية تبدأ من الإدارة… ولا تكتمل إلا عندما يُحترم الإنسان كقيمة قبل أن يُقيَّم كأداء
حين يشعر الموظف أن مكانه محفوظ بقيمته، لا بمنصبه… وأن صوته مسموع لا مُهمَل… فإن العطاء يصبح قرارًا ذاتيًا، لا واجبًا مفروضًا.
الرضا الوظيفي ليس ترفًا تنظيميًا، بل هو استثمار في الإنسان أولًا، وفي استدامة الإنجاز ثانيًا.
وما بين النصوص المكتوبة في اللوائح، والتطبيق الحقيقي لها، يكمن الفرق بين بيئة تُخرّج موظفين… وبيئة تُلهِم قادة
تعليقات
إرسال تعليق