العقل الأخلاقي vs. التنظيمي: الإدارة بين ابن تيمية وآدم سميث
🧭 مقارنة في جوهر المفهوم ووسائل التطبيق
في زمن تتسارع فيه مفاهيم الإدارة، لم تعد القيادة تعني فقط إصدار الأوامر، بل أصبحت علمًا، وفنًا، ومسؤولية. وبينما ينسب الكثيرون الإدارة الحديثة إلى الثورة الصناعية، فإن العودة للفكر الإسلامي تُظهر أن القيم الإدارية قد وُضعت منذ قرون.
في هذا المقال، نقف عند شخصيتين بارزتين:
🧕 ابن تيمية – مفكر إسلامي أرسى مفاهيم الإصلاح الإداري من منظور شرعي
👨🏫 آدم سميث – اقتصادي غربي وضع اللبنات الأولى للنظام الرأسمالي وتنظيم العمل والإنتاج
فما الرابط بين فقيه من القرن السابع الهجري، ومفكر اقتصادي من القرن الثامن عشر الميلادي؟
الإجابة في خمسة محاور:
📊 جدول المقارنة بين ابن تيمية وآدم سميث
المحور | ابن تيمية | آدم سميث |
---|---|---|
1️⃣ مفهوم الوظيفة الإدارية | الإدارة = أمانة شرعية تهدف لتحقيق المصلحة العامة ودفع المفاسد. تُضبط بالعدل، واختيار الأصلح والتكليف. | الإدارة = وظيفة تنظيمية عقلانية تهدف إلى رفع الكفاءة والإنتاجية. تحقيق المنفعة يتم عبر "اليد الخفية" للسوق. |
2️⃣ القيادة والإشراف | القيادة مسؤولية أخلاقية تتطلب العدل، الكفاءة، الورع، والرقابة نابعة من الضمير. | القيادة تُقاس بقدرة القائد على إدارة النظام، مع التركيز على الأداء لا النوايا، والاعتماد على الأنظمة لا الأشخاص. |
3️⃣ إدارة المال والموارد | المال العام أمانة. يُحرّم الاحتكار، ويشجع على الوقف والزكاة كأدوات تنموية. | المال مورد للنمو، وتوزيع الموارد يتم عبر المنافسة الحرة وتنشيط السوق. |
4️⃣ تنظيم العمل والإنتاج | يشدد على إسناد الأمر لأهله (التخصص)، ويرى أن الجودة ترتبط بالأمانة والنية. | صاغ مفهوم Division of Labor لزيادة الكفاءة، وتحقيق إنتاجية أعلى من خلال التخصص وتقليل الهدر. |
5️⃣ النية والمقصد مقابل النتائج والنظام | يرى أن جوهر الإدارة في النية الصالحة والمقصد الشريف. الغاية لا تبرر الوسيلة. | يرى أن النجاح الإداري يُقاس بالنتائج. يركّز على النظام والمخرجات بغض النظر عن النوايا. |
💡 الخلاصة
إذا كان آدم سميث قد أسّس للإدارة كـ "علم لتنظيم الموارد وتحفيز السوق"، فإن ابن تيمية أسّسها كـ "فن لتهذيب النفوس وتحقيق المقاصد".
سميث علّمنا كيف نُدير العمل، وابن تيمية علّمنا لماذا نديره. أحدهما بنى جسد الإدارة، والآخر بنى روحها.
والإدارة التي نحتاجها اليوم… هي التي تجمع بين الرأس والقلب.
"الفكر مسؤولية… والكلمة أثر."
تعليقات
إرسال تعليق