خريطة الإدراك: هل نرى الواقع كما هو؟
في زمنٍ تتزاحم فيه كتب تطوير الذات، يأتي كتاب خريطة الإدراك للكاتبة هاجر علي عقيلي ليُذكرنا بأن الإدراك ليس دورة تدريبية، ولا وصفة سريعة، بل رحلة داخلية شاقة… وصادقة.
الكاتبة لم تقدّم خريطةً نهرب بها من أنفسنا، بل واجهتنا بأسئلة موجعة عن النية، والسعي، والتخبطات، وحتى ذلك الفراغ الذي نحاول ملأه بأي شيء… إلا الحقيقة.
وهنا وقفتُ، كقارئة وكأخصائية في الإدارة، أمام هذا السؤال:
“هل يمكن للإدراك أن يكون أداة إدارية أيضًا؟”
الإجابة التي تبلورت داخلي: نعم… ولكن بشرط ألا يُستورد ولا يُلقّن، بل يُستخرج من التجربة الصادقة، من جوهر الذات، من صوت الإنسان في داخله.
🌱 الإدراك الحقيقي يبدأ من "الإنسان أولاً"
في كتاب خريطة الإدراك، لا يُقدَّم الإنسان كوسيلة للنجاح، بل كـ غاية الإدراك وركيزته.
هذا العمق يعيدنا إلى أصل قرآني لا يُمكن أن يُغفل في أي حديث عن العمل أو الإدارة:
﴿ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 129]
هذه الآية تلخّص ببلاغة عميقة: أن الإنسان مستخلف لا موظف فقط، وعمله محسوب لا مجرد إنتاجية. وبالتالي، أي إدراك لا يُبنى على هذا الوعي… هو إدراك منقوص.
حين نقول "الإنسان أولاً"، فنحن لا نطلق شعارًا، بل نُرسّخ:
- منطلق أخلاقي في الإدارة: أن القيم تسبق الأرقام.
- وعي وجودي في العمل: أن ما نفعله ليس مهنيًا فقط… بل مصيري.
💡 ماذا ألهمني في الكتاب؟
- أن الفشل ليس نهاية، بل اختبار وعي.
- أن القيم ليست ديكورًا، بل ضميرًا إداريًا.
- أن النية ليست شيئًا داخليًا فقط، بل أساس كل قرار خارجي.
✍️ رأيي ككاتبة مهتمة بالإدارة:
خريطة الإدراك ليس كتابًا يُقرأ مرة، بل يُرافقك طيلة رحلتك في المهنة، في الإدارة، في العلاقات. هو لا يُعطيك أدوات… بل يُرغمك على أن تسأل:
“هل هذا الذي أسعى إليه… هو فعلاً لي؟”
“هل ما أعمله الآن هو عمل أُحاسب عليه… أم مجرد روتين فارغ؟”
هو تذكير صادق:
لا تكن مديرًا لمشروع… وأنت غائب عن ذاتك.
ولا تكن ناجحًا خارجيًا… وفاقدًا للبوصلة داخليًا.
📌 أسئلة تأملية لك أيها القارئ:
- هل تعي لماذا تعمل؟
- هل قيمك تقود قراراتك، أم تتبع الموج فقط؟
- هل تعتبر موظفيك بشرًا لهم ذات وكرامة، أم أدوات إنجاز فقط؟
📖 روابط مفيدة:
✨ الإدراك ليس مهارة تقنية، بل مسؤولية وجودية. هو أن تُدير نفسك قبل أن تدير غيرك… وأن تتذكّر دائمًا أن:
فكر مسؤولية… والكلمة أثر.
"الفكر مسؤولية… والكلمة أثر."
تعليقات
إرسال تعليق